جاءت هذه المحاضرات التعليمية في مقياس "النقد الجزائري الحديث" في شكل إضاءات مدرسية مقتضبة ذات أبعاد معرفية وثقافية. وقد كان جوهرها ذلك التحوّل الذي عرفه النقد الأدبي في الجزائر على مستوى المنهج النقدي من التركيز على بيئة النص الخارجية وسياقاته التكوينية إلى الاهتمام بالبنية الظاهرة له وعناصرها الداخلية.  فتجاوزنا في هذه المحاضرات المناهج السياقية كالتاريخي والاجتماعي والنفسي بوصفها مدرجة ضمن النقد الحديث أكثر من نظيره المعاصر. فهي دروس معتمدة وفق مفردات مقرّرة تتعلّق بمقياس "النقد الجزائري المعاصر".

      وقد هيمن مفهوم السياق بوصفه كلّ ما ينصرف إلى خارج النص أو محيطه من مؤثرات بيئية (تاريخية، سياسية، اقتصادية، اجتماعية، نفسية... وغيرها) والتي يمكن أن تنعكس على النص، فيتلوّن ببعض ألوانها، لذلك يسعى النقد التقليدي إلى أن يتخّذ من السياق معولا مرجعيا يتكئ عليه في سبيل سبر أغوار النصوص وإضاءة جوانبها الداخلية.

      وهكذا بالغت المناهج النقدية الكلاسيكية في تمجيد شأن السياق بين غيره من عناصر النص، فكان أن غيّبت جل ملامح هذا النص، و صهرته في بوتقة سياقية، إبان الدراسات وأثناء المقاربات. فاستحالت النصوص في ظلّ هذا الوضع جوانب هامشية في العملية النقدية، لا حاجة للنقاد بها إلاّ حين التأكيد والاستشهاد.

     


محاضرات في مقياس.pdfمحاضرات في مقياس.pdf